قال إبراهيم بن سعيد الجوهري،قال حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عمرو بن العاص أنه قال :- قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ عَائِشَةُ قِيلَ مِنْ الرِّجَالِ قَالَ أَبُوهَا

كذب وافتراء الشيعة

الصديقة بنت الصديق

عدد الزوار

المصحف الالكتروني

أضف الى معلوماتك

بركتها رضي الله عنها ومن بركتها رضي الله عنها أنها كانت السبب في نزول بعض آيات القرآن ، من ذلك آية التيمم ، فعنها رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة ، فهلكت أي ضاعت ( فأرسل رسول الله ناساً من أصحابه في طلبها ، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء ، فلما أتوا النبي شكوا ذلك إليه ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير : جزاكِ الله خيراً ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لكِ منه مخرجاً ، وجعل للمسلمين فيه بركة ) متفق عليه .

أرشيف المدونة

فذكر ان نفعت الذكرى

رمضان على الابواب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

من نكـــون

بحث هذه المدونة الإلكترونية


http://t1.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcSA_-uNixVI8LwDxhxUUVqLk-Px5r7Cn6U4v9hTN9f-T9KNwpetmBOSxx_m
 من مرويات أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها 

في الصحيحين
 
الشيخ عاطف عبد المعز الفيومي

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ونبيِّه ورسوله محمدِ بن عبدالله - صلَّى الله عليه وسلَّم.

أما بعد:
فهذه إشارةٌ عابرة ومهمة إلى بعض مرويات أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين، فيما اتَّفق عليه البخاري ومسلم - رحمهما الله تعالى - ولم أقف معها، ولم أعلِّق على شيء منها، فلهذا مكانه ووقته، لكنَّها تَذكرةٌ مهمة، وعرض نافع - بإذن الله - لتتجلَّى لنا مكانة عائشة - رضي الله عنها - في دَواوين السنة النبوية، وما جمعتْه في طياتها من علم وميراث النبوة، وقد ذَيلْتُها بوقفة مهمة مع النِّساء على طريق عائشة، وهذا سيكون في عدة نقاط، كما يلي:
أولاً: آيات الله والحكمة في بيت النبوة:
إنَّ الحديثَ عن بيت النبوة ذو شجون، وإن الوقوف على مناقبهم وفضائلهم لا يُحصيه كاتب، ولا ينثره أديب، لكنه بعضٌ من الواجب علينا، وبعض من الوفاء لحقِّهم الكبير، وبعض من الحب للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وآل بيته الأطهار.

وإن الحديث عن أم المؤمنين أم عبدالله عائشةَ بنتِ الصديق المطهَّرة - حديث له أطلال وظلال، لا تحويه صفحاتٌ ولا ألفاظ، وكيف لا، وهي أمُّنا، وحبيبة قلب نبيِّنا، وقرة عينه، وزوجته المبرأة المكرَّمة؟ وحسبنا هنا أن نقف على شيء من علمها الجمِّ، وحفظها الدقيق الوافر، لجمعٍ مبارك من أحاديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وكيف لا، وهي محدِّثة بيت النبوة، وفقيهة عصرها، وسيدة النساء؟ وكيف لا، وقد خاطب الله - تعالى - زوجات بيت النبوة بقوله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34]؟

قال ابن كثير - رحمه الله -: \"قال ابن جرير - رحمه الله -: واذكرنَ نعمة الله عليكنَّ، بأن جعلكن في بيوت تُتلى فيها آيات الله والحكمة، فاشكرن الله على ذلك واحمدنه\"[1].

وقال ابن جرير الطبري - رحمه الله -: \"وعَنَى بقوله: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 34]: واذكرن ما يُقرأ في بيوتكن من آيات كتاب الله والحكمة، ويعني بالحكمة: ما أُوحي إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من أحكام دين الله، ولم ينزل به قرآن، وذلك السُّنة، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل\"[2].

وقال البغوي - رحمه الله -: \"قَوْلُهُ - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب: 34] يَعْنِي: الْقُرْآنَ، ﴿ وَالْحِكْمَةِ ﴾ قال قَتَادَةُ: يَعْنِي السُّنَّةَ، وقال مُقَاتِلٌ: أَحْكَام الْقُرْآنِ وَمَوَاعِظه\"[3].

وقال السعدي - رحمه الله -: \"ولما أمرهن بالعمل، الذي هو فعلٌ وترك، أمرهن بالعلم، وبيَّن لهن طريقه، فقال: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ﴾ [الأحزاب: 34]، والمراد بآيات الله: القرآن، والحكمة: أسراره وسنة رسوله، وأمرُهن بذِكره يشمل ذِكرَ لفظه بتلاوته، وذكر معناه بتدبُّره والتفكر فيه، واستخراج أحكامه وحكمه، وذكر العمل به وتأويله\"[4].

ومن هنا يظهر لنا حكمة رواية المحدِّثة الفقيهة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - لأحاديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأنها كانت قائمةً بأمر الله - تعالى - في حياة رسول الله وبعد وفاته، تبلِّغ سنته، وتعلِّم أصحابه، وتُفتي الأمَّة من بعده.

ثانيًا: عائشة - رضي الله عنها - عالمة بيت النبوة وفقيهة الأمة:
ومن تأمل كتب السنة والمسانيد، خرج له كمٌّ كبير وصحيح من روايات أم المؤمنين - رضي الله عنها - وما ذاك إلا لأنها كانت ملازمةً لبيت النبوة لا تفارقه، حديثةَ السن، وقَّادة الحفظ والذكاء، مُحبَّة للتَّلقي والفهم والعمل.

ولقد جمعتْ من هذا كلِّه علمًا جمًّا غزيرًا، كما قال الزهري - رحمه الله تعالى -: لو جُمع علم عائشة إلى علم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل[5].

كما أن الله قد وهبها الذكاء والفطنة وسرعة الحافظة؛ قال ابن كثير: \"لم يكن في الأُمم مثل عائشة في حِفظها وعِلمها، وفصاحتها وعقلها\"، ويقول الذَّهبي: \"أفقه نساء الأمَّة على الإطلاق، ولا أعلمُ في أمَّة محمد - بل ولا في النساء مطلقًا - امرأةً أعلمَ منها\".

وقد تَجاوز عدد الأحاديث التي روتْها ألفين ومائة حديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي مشتهرة في كتب السنة: البخاري، ومسلم، والسنن، والمسانيد، وغيرها.

قال الحافظ الذهبي: مسند عائشة يبلغ ألفين ومائتين وعشرة أحاديث، اتفق البخاري ومسلم لها على مائة وأربعة وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأربعة وخمسين، وانفرد مسلم بتسعة وستين[6].

ويقول عروة بن الزبير: \"ما رأيت أحدًا أعلم بفقه ولا بطبٍّ ولا بشعر من عائشة - رضي الله عنها\"، وقال فيها أبو عمر بن عبدالبر: \"إن عائشة كانت وحيدةَ عصرِها في ثلاثة علوم: علم الفقه، وعلم الطب، وعلم الشعر\".

كما كانت المرجعَ الكبير لكبار الصحابة، خاصة عند المواقف والملمَّات، كما كانت تفتي بما لديها من علم وفقه في عهد الخليفة عمر وعثمان - رضي الله عنهما - إلى أن تُوفِّيت - رحمها الله.

ولقد روى عنها - رضي الله عنها - جمٌّ غفير من الصحابة الأكارم، وكذلك من التابعين، منهم: عمر بن الخطاب، وعبدالله بن عمر، وأبو هريرة، وزيد بن خالد، وعبدالله بن عباس، وعروة بن الزبير، ومسروق - رضي الله عنهم - جميعًا.

وقد كانت من أعلم الناس بالفرائض، فقد قال مسروق - رضي الله عنه -: \"والله لقد رأيت أصحاب محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - الأكابر يسألونها عن الفرائض\"؛ رواه الحاكم.

وقال عطاء بن أبي رباح: \"كانت عائشة أفقهَ الناس، وأحسن الناس رأيًا في العامة\".

كما كانت من أفصح الناس كلامًا وبيانًا، فعن موسى بن طلحة قال: \"ما رأيت أحدًا أفصح من عائشة\"؛ رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح غريب.

وعن هشام عن أبيه قال: \"ربما روتْ عائشة القصيدة ستين بيتًا وأكثر\"[7].

ثالثًا: من مرويات أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين:
وهنا أقف مع بعض مرويات أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين، وهي من المتفق عليه في الجملة، وقد سُقتها؛ حتى نقف على شيء من علمها ودقة حفظها، وحتى تكون الأسوة الصالحة للنساء في كل عصر ومِصر، وقد جعلتها من المتفق عليه؛ لأسباب، منها:
أولاً: أن هذه الروايات من أعلى درجات الصحة عند جماهير المحدثين.

ثانيًا: للوقوف على ما صح من مرويات عائشة - رضي الله عنها - دون الضعيف، والصحيحان في الجملة فيهما من الأحاديث ما يُغني في كثير من أبواب العلم وتفريعاته.

ثالثًا: لتكون عونًا على الحفظ لمن أراد أن يستزيد من ميراث النبوة وعلمه، فينهل من معين الإيمان، ومنبع العلم وأصله؛ فعن أبي سلمة بن عبدالرحمن - كما جاء في \"الطبقات\" - قال: \"ما رأيتُ أحدًا أعلمَ بسُنن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا أفقهَ في رأي إن احتيج إلى رأيه، ولا أعلم بآية فيما نزلتْ، ولا فريضة - مِن عائشة\".

وهذه بعض مرويات أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في الصحيحين[8]:
1- عن عائشةَ أمِّ المؤمنين، قالت: أول ما بُدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحةُ في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءتْ مثل فلق الصبح، ثم حبِّب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه - وهو التعبُّد - الليالِيَ ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزوَّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجةَ فيتزوَّد لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء؛ فجاءه المَلَك فقال: اقرأ، قال: ((ما أنا بقارئ))، قال: ((فأخذني فغطَّني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني، فقال: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 1 - 3]...)) الحديث.

2- وعن مسروق، قال: قلت لعائشة: يا أمَّتاه، هل رأى محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - ربَّه؟ فقالتْ: لقد قَفَّ شعري مما قلتَ، أين أنت من ثلاث مَن حدَّثَكهن فقد كذَب: من حدَّثك أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربَّه، فقد كذب، ثم قرأتْ: ﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الأنعام: 103]، ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الشورى: 51]، ومن حدَّثك أنه يعلم ما في غدٍ، فقد كذب، ثم قرأتْ: ﴿ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا ﴾ [لقمان: 34]؛ ومن حدَّثك أنه كتم، فقد كذب، ثم قرأتْ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ﴾ الآية [المائدة: 67] ؛ ولكنه رأى جبريل - عليه السلام - في صورته مرتين.

3- وعن عائشة، قالت: من زعم أن محمدًا رأى ربَّه، فقد أعظم، ولكن قد رأى جبريلَ في صورتِه، وخَلْقُه سادٌّ ما بين الأفق.

4- عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعجبه التيمُّن في تنعُّله وترجُّله وطهوره، وفي شأنه كلِّه.

5- وعن عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤتى بالصبيان، فيدْعو لهم، فأُتي بصبي فبال على ثوبه، فدعا بماء فأتْبعه إياه ولم يغسله.

6- وعن عائشة، سئلت عن المني يصيب الثوبَ، فقالت: كنت أغسله من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيخرج إلى الصلاة وأَثَرُ الغَسْلِ في ثوبه بُقَعُ الماء.

7- وعن عائشة، قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا، فأراد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يباشرها، أمَرَها أن تتَّزر في فور حيضتها، ثم يباشرها، قالت: وأيكم يملك إرْبه كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يملك إربه.

8- وعن عائشة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُدخل عليَّ رأسَه وهو في المسجد فأرجِّله، وكان لا يَدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا.

وعن عائشة، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يباشرني وأنا حائضٌ، وكان يُخرِج رأسَه من المسجد وهو معتكفٌ، فأغسله وأنا حائضٌ.

9- وعن عائشة، حدَّثت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتكئ في حجري وأنا حائضٌ، ثم يقرأ القرآن.

10- وعن عائشة زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم يتوضَّأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يُدخِل أصابعه في الماء، فيخلِّل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاثَ غرفٍ بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كلِّه.

11- وعن عائشة، أنَّ امرأةً سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: ((خُذي فِرْصَةً من مسكٍ فتطهَّري بها))، قالت: كيف أتطهَّر بها؟ قال: ((تطهَّري بها))، قالت: كيف؟ قال: ((سبحان الله! تطهري بها))، فاجتبذتها إليَّ، فقلت: تتبَّعي بها أثر الدم.

12- وعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرجْنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء - أو بذات الجيش - انقطع عقدٌ لي، فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، فأتى الناسُ إلى أبي بكر الصدِّيق، فقالوا: ألا ترى إلى ما صنعتْ عائشة؟ أقامت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ! فجاء أبو بكر ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ؟! فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعُنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرُّك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فتيمَّموا، فقال أُسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر! قالت: فبعثنا البعيرَ الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته.

13- وعن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالسًا، وصلى وراءه قومٌ قيامًا، فأشار إليهم أنِ اجلسوا، فلما انصرف، قال: ((إنما جُعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلى جالسًا، فصلوا جلوسًا)).

14- وعن عائشة، قالت: لقد راجعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحبَّ الناسُ بعده رجلاً قام مقامه أبدًا، ولا كنت أرى أنه لن يقوم أحدٌ مقامه إلا تشاءم الناس به، فأردتُ أن يعدل ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر.

15- وعن عائشة، ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا ﴾ [النساء: 128]، قالت: الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثرٍ منها، يريد أن يفارقها، فتقول: أجعلك من شأني في حلٍّ، فنزلت هذه الآية في ذلك.

16- وعن عائشة قالت: ﴿ وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 6] أنزلت في والي اليتيم الذي يُقيم عليه، ويُصلِح في ماله، إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف.

17- وجاء أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة: إن عبدالله بن عباس قال: من أهدى هديًا، حرُم عليه ما يَحرُم على الحاج حتى ينحر هديه، فقالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلتُ قلائدَ هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه، ثم بعث بها مع أَبِي، فلم يَحرُم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ أحلَّه الله حتى نحر الهدي.

18- وعن عائشة، قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو مسرورٌ، فقال: ((يا عائشة، ألم تَرَيْ أن مُجَزِّزًا المُدْلِجِيَّ دخل فرأى أسامة وزيْدًا، وعليهما قطيفةٌ قد غطيا رؤوسهما، وبدتْ أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض!)).

19- وعن عائشة، قالت: كنت أغار على اللاتي وهبْن أنفسهن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأقول: أتهب المرأة نفسها؟ فلما أنزل الله - تعالى -: ﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾ [الأحزاب: 51]، قلت: ما أرى ربَّكَ إلا يسارع في هواكَ.

20- وعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: لما أُمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه، بدأ بي، فقال: ((إني ذاكرٌ لك أمرًا، فلا عليك ألاَّ تَعجلي حتى تستأمري أبويك))، قالت: وقد علم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: إن الله - جل ثناؤه - قال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ﴾[الأحزاب: 28] إلى ﴿ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 29]، قالت: فقلت: ففي أيِّ هذا أستأمر أبويَّ؟! فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواجُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلتُ.

21- وعن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد)).

22- وعن عائشة، أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين تُوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أردنَ أن يبعثن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن، فقالت عائشة: أليس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا نُورَثُ، ما تركْنا صدقةٌ))؟

23- وعن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل شراب أَسْكَرَ، فهو حرامٌ)).

24- وعن عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((أُريتك في المنام مرتين، أرى أنك في سَرَقةٍ من حرير، ويقول: هذه امرأتك، فاكشف عنها، فإذا هي أنت، فأقول: إن يك هذا من عند الله، يُمضِه)).

25- وعن عائشة، أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصغتْ إليه قبل أن يموت، وهو مسندٌ إليَّ ظهره يقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق)).

26- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآيةَ: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ إلى قوله: ﴿ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [آل عمران: 7] قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإذا رأيت الذين يتَّبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمَّى الله، فاحذرُوهم)).

27- وعن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار، وعذاب النار، وفتنة القبر، وعذاب القبر، وشرِّ فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونقِّ قلبي من الخطايا، كما نقيتَ الثوب الأبيض من الدنس، وباعِد بيني وبين خطاياي، كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل، والمأثم، والمغرم)).

28- وعن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يغزو جيشٌ الكعبة، فإذا كانوا ببيداءَ من الأرض، يُخسَف بأولهم وآخرهم))، قالت: قلت: يا رسول الله، كيف يخسف بأولهم وآخرهم، وفيهم أسواقُهم ومن ليس منهم؟ قال: ((يخسف بأولهم وآخرهم، ثم يُبعثون على نيَّاتهم)).

29- وعن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تسمع شيئًا لا تعرفه إلا راجعتْ فيه حتى تعرفه، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من حُوسب عذِّب))، قالت عائشة: فقلت: أوَليس يقول الله - تعالى -: ﴿ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا ﴾ [الانشقاق: 8]؟ قالت: فقال: ((إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يَهلِك)).

30- وعن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سدِّدوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه))، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يتغمَّدني الله بمغفرة ورحمة)).

31- وعن عائشة، عن مسروق، قال: دخلنا على عائشة، وعندها حسان بن ثابت ينشدها شعرًا، يشبِّب بأبيات له، وقال:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ
وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ


فقالت له عائشة: لكنك لست كذلك، قال مسروقٌ: فقلت لها: لِمَ تأذنين له أن يدخل عليك وقد قال الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [النور: 11]؟ فقالت: وأيُّ عذاب أشدُّ من العمى؟ قالت له: إنه كان ينافح - أو يُهاجِي - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

32- وعن عائشة، أنَّ بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّنا أسرع بك لحوقًا؟ قال: ((أطولُكن يدًا))، فأخذوا قصبةً يذرعونها، فكانت سودة أطولَهن يدًا، فعلمنا بعدُ أنما كانت طول يدها الصدقة، وكانت أسرعنا لحوقًا به، وكانت تحب الصدقة.

33- وعن عائشة، قالت: ما غِرتُ على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرتُ على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُكثر ذِكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة، فيقول: ((إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ)).

34- وعنعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية يبكي عليها أهلها، فقال: ((إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذَّب في قبرها)).

35- وعن عائشة، قالت: خَسفت الشمس، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ سورةً طويلةً، ثم ركع فأطال، ثم رفع رأسه، ثم استفتح بسورة أخرى، ثم ركع حتى قضاها وسجد، ثم فعل ذلك في الثانية، ثم قال: ((إنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتم ذلك، فصلُّوا حتى يفرج عنكم، لقد رأيت في مقامي هذا كلَّ شيء وُعِدتُه، حتى لقد رأيتني أريد أن آخُذَ قِطْفًا من الجنة، حين رأيتموني جعلت أتقدم، ولقد رأيت جهنم يَحطِم بعضها بعضًا، حين رأيتموني تأخرت، ورأيت فيها عمرو بن لُحَيٍّ، وهو الذي سيَّب السوائب)).

36- وعن عائشة، قالت: ما أكل آل محمد - صلى الله عليه وسلم - أكلتين في يوم، إلا إحداهما تمرٌ.

رابعًا: وقفة مهمة مع النساء على طريق عائشة:
هذه بعض مرويات أم المؤمنين - رضي الله عنها - في الصحيحين، ولو وقفنا عليها شرحًا وتعليقًا، لاستغرق ذلك وقتًا طويلاً، ولكن حسبنا أن نرى علمها، وفقهها، وتحرِّيها في روايتها عن حبيب قلبها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم.

ألاَ فلْتفقه النساءُ فقه عائشة، ألاَ فلْتعلم النساء علم عائشة، ألاَ فلتسلُك نساؤنا طريق عالمة بيت النبوة، ولْتخطُ نساؤنا نحو المعالي؛ لنرى منهن حافظات القرآن، حافظات السُّنة، فقيهات العلم والفُتيا، ألا فلتجعل النساء قولَ الله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 34] قائدًا لهن نحو الخيرات والمعالي، ودليلاً للهداية والرحمة والإيمان.

كم نأسف على كثير من نسائنا وبناتنا، وهن مستغفَلات مستغربات عن مبادئ الشريعة والإسلام! وكم نأسف لتلك الصورةِ المتردِّية المؤلمة لواقع المرأة المسلمة اليوم! لقد كانت المرأة في الجاهلية الأولى من سقط المتاع، لا كرامةَ لها توزَن بها إنسانيتها، لا وزن ولا اعتبار؛ لأنَّها شيء قليل حقير، لا مكانة لها؛ لأنَّها ليست كالرجال، لا سلطانَ لها؛ لأنَّها ليست صاحبة القرار، لا ملكية لها؛ لأنها مملوكة وما ملكتْ، لا حرية؛ لأنها أمَة مستعبَدة، لا اختيار؛ لأنها تحت إمرة سيدها، لا تصرفَ؛ لأنها لا تملك شيئًا، متاعٌ لكل من أراد، شهوةٌ لكل طالب لذة في الحرام أو في الحلال سواء، أمَة تباع في أسواق النخاسة والعبيد، ذليلة حسيرة كسيرة، تُوْأَد حيةً بالقتل والدفن بين الحفر والرمال، وبين أحضان العواصف الهائجة في تخوم الجبال، وما كان لها من شأن إلا بقايا من دين إبراهيم - عليه السلام - أو مروءة الرجال... إلى آخر ذلك من الذل والهوان، وهذه هي امرأة الجاهلية الأولى وبنتها.

أما الإسلام، فقد غيَّر مجرى تاريخ المرأة، وصاغ بناء شخصيتها بناءً جديدًا فريدًا، حقًّا أقول: لقد وُلدت المرأة في دين الإسلام مولدًا جديدًا طاهرًا، لقد رفعها الإسلام، وصان لها كرامة إنسانيتها؛ لأنَّها مخلوقة كالرجل، ومن الرجل، وللرجل، سواء بسواء، كما قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال - تعالى -: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾ [النحل: 72]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وفكَّ الإسلام قيود الجاهلية من الذلِّ والاستعباد لها، وقدَّم لها الحرية في حدود الشريعة، التي رسمها الله - تعالى - وتحفظ لها كرامتها وأنوثتها وإنسانيتها.

ولا أدلَّ على ذلك من نساء بيت النبوة، ومن نساء الصحابة والأنصار، اللواتي رفعن الهمم، وسابقنَ الرجال نحو الخيرات والمعالي، فنلن النصيبَ الأوفر من الإيمان والهداية والعلم، فخرج منهن الفقيهات، والعالمات، والقانتات، والعابدات، والصالحات، والزاهدات.

وحسبُنا بأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - المثل الأعلى في ذلك للنساء على طول التاريخ البشري كله، وليس الإسلاميَّ فحسب.

إننا نرى في عائشة المرأةَ الصالحة الكاملة، ونرى فيها المرأة القانتة العابدة، ونرى فيها المرأة الفقيهة المحدِّثة، ونرى فيها المثل الأعلى في شؤون النساء، والرجال.

لكنَّنا نرى - في المقابل - على الوجه الآخر للمرأة المسلمة، نرى شيئًا آخر، فاليوم وبعد طول زمان، عَبِثَ العابثون، وطَمِعَ الطامعون خَلْفَ هذه الجوهرةِ المصونة، واللؤلؤة المكنونة، بنت الإسلام، فأخرجوها من قعر بيتها، ومكان تشريفها، ولباس حيائها وعفَّتها وطُهرها، وابتكروا لها وسائل متنوِّعة من العبث واللهو بها، وجعلوها دمية بأيديهم، ومحلاًّ لشهواتهم الرخيصة، وخدَعوها وقالوا: حرَّروها، وعَرَّوْها وجرَّدوها من لباسها وجوهرها، وقالوا: قدَّموها وطوَّروها، وجعلوها محلاًّ نجسًا لأغراض فروجهم وفواحشهم، وقالوا: وردة زاهية نستنشق عبيرها، لقد صيَّروها لاعبة للكرة تتعرَّى في النوادي من أجلها، وصيَّروها ممثلة وفنانة - زعموا - ليتمتَّعوا بها من خلف (الكواليس) الشيطانية، وليغروا بها السفهاء والإماء والجاهلين، وصيروها قائدًا للسيارات توصِّلهم إلى أغراضهم الدنيئة كثيرًا، وصيروها رئيسة للوزراء، وقاضية للمحاكم، ومديرة للنوادي، وخادمة للركاب في الطائرات والاستراحات، وتقديم المنافع، وربما الفواحش والزنا في الفنادق والبارات، وجعلوها عارضةً للأزياء العالمية والموضات، وجعلوها تاجرة مروجة للسلع والمأكولات وأطباق الحلويات، ولا حول ولا قوة إلا بالله تعالى!

فمتى ترجع المرأة المسلمة الحرة العفيفة إلى النور؟ ومتى تتلمح البصيرة والهداية؟ ومتى تعلن التوبة والرجعة؟ ومتى تسلك طريق الصالحات القانتات خلف النساء الحرائر؟ ومتى تَفقه فقه عائشةَ أمِّ المؤمنين، وحياء فاطمةَ الزهراءِ البتول، وطهارة مريمَ بنتِ عمران، وعِزة آسيةَ بنتِ مزاحم، ونفاسة نفيسة البيت والعلم - رضي الله عنهن جميعًا؟

الوقت من ذهب